13 - 05 - 2025

مؤشرات | الحرب حتى آخر جندي أوكراني .. لصالح من؟

مؤشرات | الحرب حتى آخر جندي أوكراني .. لصالح من؟

مع دخول الحرب الروسية الأوكرانية عامها الثاني، ظهر وجهان مختلفان، واحد يدفع بالأزمة نحو مزيد من التعقيد مهما كانت التضحيات، وآلاف القتلي، ومئات الآلاف من الجرحي، والمشردين، وآخر يبحث عن طوق نجاة لشعوب ليس لها علاقة بالصراع العالمي السياسي، بحثا عن مجد زائف، من طرفي الصراع وموقدي نيران الحرب الخارج شرقا وغربا.

تمثل هذا في الأيام الأخيرة ومن خلال الزيارة المفاجئة التي قام به الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الإثنين 20 فبراير للعاصمة الأوكرانية "كييف"، وتبعها بزيارة إلى بولندا، في مسعى إلى ترسيخ مبدأ نفخ النار في البارود.

وبدلا من من البحث عن مخرج لإخراج العالم من تلك الأزمة، والتي كل الأصابع متهمة بإشعالها، ومناقشة أسباب أنهار الدماء التي سالت، والدور الأمركي الغربي الذي يهمه مزيد من الدماء، وإبعاد أي محالة لتجفيف بحار الدم، خرج بايدن معلنا مزيدا من توفير وقود الحرب، بغض النظر عن مآسي عشرات الآلاف من الأيتام، والثكلي، والعجزة والمصابين، وشعاره (المزيد من الدم).

وأعلن بايدن من كييف أنّ بلاده ستزيد مرة جديدة حجم مساعدتها لأوكرانيا، وأنه سيعلن عن تسليم معدات أساسية أخرى لا سيما ذخائر مدفعية وأنظمة مضادة للدروع وأجهزة رادار للمراقبة الجوية، وخلال مؤتمر صحفي مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ، كشف عن الرئيس الأمريكي عن مساعدة إضافية بقيمة 500 مليون دولار سيعلن عن تفاصيلها في الأيام المقبلة.

وتتضح لغة الحرب التي يزيد من وقودها "جو بايدن" ونظامه، بينما في الخلفية حالات الدمار التي خلفتها نيران الحرب التي تنهي عاما، وتبدأ عاما جديدا، وكأن بايدن يقول لشعب أوكرانيا، نريد المزيد من الموتي، ودور الأيتام تمتلئ بالأيتام، وإملأوا الشوارع بالأرامل، والثكالي، وتحويل الجليد الأبيض، والوردة البيضاء إلى لون الدم القاني، وبدلا من كوب حليب للأطفال الرضع، أشربوهم كؤوس الدم، وإدفعوا بروسيا إلى مزيد من الحرب، حتى تسقط وفق ما خططنا له، ووقع فيه بوتين.

وفي لغة بعيدة عن اي تهدئة، قال بايدن في رسالة لنظيره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "إن "حرب الفتوحات" التي يشنها "بصدد الفشل"، وقد ظن بوتين أن أوكرانيا ضعيفة وأن الغرب منقسم، ولكنه "أخطأ في كل حساباته"، مضيفا "اعتبرت أن من الضروري ألا يكون هناك أي شكوك حول دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا"، ورهانات بوتين على إنقسام الناتو فشلت.

وإلتقط الرئيس الأوكراني "فولوديمير زيلينسكي" - مع دوي صفارات فيما كان في جوله مع بايدين في كييف- أنه بحث مع الرئيس الأمريكي مسألة توفير أسلحة بعيدة المدى وهي مسألة مهمة جدا في ضوء حاجة بلاده إلى مثل هذه الأنظمة لضرب خطوط الإمداد الروسية، وأن هذه المحادثات تقربنا من النصر، وأنه بحث مع الرئيس الأمريكي "السبيل إلى الانتصار هذه السنة، وأن الدعم الأميركي لأوكرانيا يظهر أن روسيا "لا تملك أي فرصة للانتصار" في الحرب.

وقد طغت لغة الحرب على كل تفاصيل زيارة جو بايدن في أوكرانيا وبولندا، ولم تلتقط اي وسيلة إعلامية نبرة نداء عن دعوة إلى سلام، لإخراج شعوب هذه الحرب من دائرة الموت، بل لعب بايدن بلغة تطيب الخواطر لشعب مكلوم، قائلا " أنه معجب بصمود الأوكرانيين معتبرا أن هذا أكثر من بطولي، وسنستمر في دعم أوكرانيا مهما طالت الحرب، وكأنه يقول "سنحارب روسيا حتى أخر جندي أوكراني".

ومقابل هذه اللغة كانت ومازالت هناك محاولة من جانب الصين للسعي نحو طريق للسلام، حيث أعلن وزير الخارجية الصيني "تشين جانج" أن بلاده قلقة للغاية من النزاع الدائر في أوكرانيا والذي يتفاقم بل يخرج عن السيطرة”، و بكين ستعمل على تعزيز حوار السلام.

وكان الوزير الصيني محددا في كلامه مؤكدا، في ذات نداء الحرب الذي كان يدعو له بايدن، حيث  قال "سنواصل تعزيز حوار السلام، وسنعمل مع المجتمع الدولي من أجل تعزيز الحوار والتشاور، ومعالجة مخاوف كلّ الأطراف، والسعي لتحقيق الأمن المشترك.

وفيما رأينا واشنطن تدفع بأية مقترحات في إتجاه الحرب، ورغم سعي الصين لطرح مبادرة سلام، والمتوقع أن تكن ضمن جزء من زيارة الرئيس الصيني المرتقبة لموسكو في أبريل و مايو المقبل، خرج بايدن، محذرا الصين من أي دعم لموسكو في حربها مع أوكرانيا

وهنا يطرح السؤال نفسه .. كيف تستقيم الأمور في هذه المرحلة التي يمر بها العالم، مع نداء يصر الحرب ومع مزيد من الدماء ومعاناة الشعوب من تداعيات الحرب، وشبح الركود يحوم حول رؤوس البشر في كل مكان.. كيف ننظر لدعوة إلى سلام حقيقي يرسي معايير المن والإستقرار بعد أكلت الحرب خلال عام الأخضر واليابس، خصوصا مع ارتفاع حدة الخلاف بقرار مجلس الدوما الروسي، الأربعاء، تعليق العمل بمعاهدة نيو ستارت، تصديقاً على مشروع القانون المقدم من الرئيس فلاديمير بوتين.

فهل آن الأوان لجلسات حوار نحو سلام يحمي كل الأطراف بعيدا عن أطماع هؤلاء الساسة من عشاق الدم؟!
---------------------------------
بقلم: محمود الحضري

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | ثقوب مميتة من حادث غاز الواحات والبنزين المغشوش